كتاب الصيام
الصيام في اللغة : مصدر صام يصوم , ومعناه أمسك .
وإما في الشرع : فهو هو التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات , من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
وحكمه : الوجوب بالنص والإجماع .
وقد فرض الله الصيام في السنة الثانية إجماعاً , فصام النبي r تسع رمضانات إجماعاً , وفرض أولاً على التخير بين الصيام والإطعام .
والحكمة من فرضه على التخير التدرج في التشريع ؛ ليكون أسهل في القبول ؛ ثم تعين الصيام وصارت الفدية على من لا يستطيع الصوم إطلاقاً [ ص: 298-299] ج6
قوله: ( يجب صوم رمضان برؤية هلاله ) .
هذه الجملة لا يريد بها بيان وجوب الصوم ؛ لأنه مما علم بالضرورة , ولكن يريد أن يبين متى يجب فذكر أنه يجب بأحد أمرين :
الأول : رؤية هلاله : أي هلال رمضان .
الثاني : إتمام شعبان ثلاثين يوماً .
وقولهبرؤية هلاله )
يعم ما إذا رأيناه بالعين المجردة أو بالوسائل المقربة ؛ لأن الكل رؤية . [ص: 301-302]ج6
فائدة:وقال بعض المتأخرين: أنه يجب العمل بالحساب إذا لم تمكن الرؤية ,وبه فسر حديث ابن عمر y وفيه قول النبي r:" فإن غم عليكم فاقدروا له ".وقال : إنه مأخوذ من التقدير,وهو الحساب ولكن الصحيح أن معنى(اقدروا له)مفسر بكلام النبي r وأن المراد به إكمال شعبان ثلاثين يوماً.[ص: 301-302]ج6
قوله : ( وإن حال دونه غيم أو قتر فظاهر المذهب يجب صومه )
والغيم :هو السحاب
والقتر : هو التراب الذي يأتي مع الرياح وكذلك غيرهما هما يمنع رؤيته . [ ص: 302]ج6
وقوله : (( ويجب صومه )) : أي وجوباً ظنياً احتياطاً .
فالوجوب هنا مبني على الاحتياط والظن لا على اليقين والقطع هذا هو المشهور من المذهب عند المتأخرين حتى قال بعضهم :
إن نصوص أحمد تدل على الوجوب , وفيه أقوال أخرى وأصح هذه الأقوال هو التحريم , لكن إذا رأى الإمام وجوب صوم هذا اليوم , وأمر الناس بصومه ، فإنه لا ينابذ ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره , وإنما يفطر سراً . [ ص:302-307]ج6
سؤال: متى يكون الاحتياط ؟
فأولاً : إنما يكون فيما كان الأصل وجوبه , وأما إن كان الأصل عدمه , فلا احتياط في إيجابه .
ثانياً : إن كان سبيله الاحتياط , فقد ذكر الأمام أحمد وغير أنه ليس بلازم , وإنما هو على سبيل الورع والاستحباب , وذلك لأننا إذا أحتطنا وأوجبنا فإننا وقعنا في غير الاحتياط , من حيث تأثيم الناس بالترك , والاحتياط هو ألا يؤثم الناس إلا بدليل يكون حجة عند الله تعالى . [ص:304-305] ج6
قوله : ( وإن رئي نهاراً فهو لليلة المقبلة )المؤلف لم يرد الحكم بأنه لليلة المقبلة , ولكنه أراد أن ينفي قول من يقول : أنه لليلة الماضية .
والصحيح أنه ليس لليلة الماضية , اللهم إلا إذا رئي بعيداً عن الشمس بينه وبين غروب الشمس مسافة طويلة .
وقوله : (( لليلة المقبلة)) ليس على إطلاقه أيضاً ؛ لأنه أن رئي تحت الشمس بأن يكون أقرب للمغرب من الشمس فليس لليلة المقبلة قطعا ً.