هنون مشرفة
عدد الرسائل : 2222 تاريخ التسجيل : 30/07/2008
| موضوع: مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها معجزه علميه 29/08/09, 11:56 pm | |
| إعداد الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى في جلسة علمية إيمانية عصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذهن أصحابه قائلاً لهم : ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها) أي لايسقط ورقها . هل تعلم أخي المسلم الشجرة المقصودة في لحديث السابق؟! وما الحكمة في تشبيه المؤمن بهذه الشجرة ؟! الحديث كما رواه الامام مسلم في صحيحه: عن ابن عمر (رضي الله عنهما ) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه : أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن ؟!! وفي رواية ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها ). فجعل القوم يذكرون الشجر من شجر البوادي , قال ابن عمر (رضي الله عنهما): وألقي في روعي أنها النخلة , فجعلت أريد أن أقولها فإذا بأسنان القوم (أي كبارهم وشيوخهم) فأهاب أن أتكلم. فلما سكتوا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هي النخلة " . إذاً الشجرة المقصودة هي النخلة. الشجرة والمؤمن: - الشجرة سيدة المملكة النباتية من الناحية العلمية , الظاهرية , والتشريحية والوظائفية , والبيئية فهي: معمرة تتغلب على التقلبات السنوية , طيبة مثمرة نافعة. - المؤمن : سيد المخلوقات الانسانية من الناحية العلمية, والعقائدية ,والوظائفية والاجتماعية فهو: يتحمل المصاعب , مثمر أينما وقع نفع . والسؤال المطروح عليك أخي المسلم مالحكمة في تشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة؟ إليك بعض ما فتح الله به علينا في ذلك : أولاً: ثبات الشكل الظاهري : فالنخلة رغم جمالها الأخاذ لها شكل ظاهري واحد لايتغير إلا للأحسن فيزداد حسنها بظهور ثمرها ودنو قطوفها , وللمؤمن أيضاً هيئة ظاهرية واحدة, لايتقلب حسب الموضة والأهواء, ولكنه يتزين لزوجته فيسرها بمنظره قال ابن عباس : ( إني أتزين لامرأتي كما احب أن تتزين لي ) , وهو يتزين في العيدين وقت قطوف ثواب الصوم والحج كما تتزين النخلة وقت قطوف الثمر , ويتزين يوم الجمعة , وعند المجالس, والمساجد ومقابلة الوفود , وهو يتزين بالمشروع ولايتزين بغير المشروع. ثانياً: ثبات الأصل وسمو الفرع : فالنخلة أصلها ثابت في الأرض , وفرعها في السماء , تتحمل الجفاف , وتقلبات الطقس , وتصبر على الشدائد البيئية , ولاتعصف بها الرياح بسهولة , وتستمد طاقتها من الشمس والهواء بورقها المهيأ لذلك وقوتها في هالتها الورقية. والمؤمن قوي ثابت في أصول الإيمان , يرتبط بالأرض التي خلق منها واستمد منها الماء والمعادن , ويتحمل الشدائد والفتن والابتلاء , ويصبر ولا يضجر وهامته مرفوعة تستمد نورها وعلمها من السماء , حيث الوحي وأوامر الله , ويرفع يديه إلى الله في الدعاء والشدة . وقوة المؤمن في عقله وتفكيره , وقوة النخلة في هالتها الورقية , والمؤمن لايستغني عن الوحي الإلهي , والنخلة لاتستغني عن الضوء الإلهي. ثالثاً: النفع الدائم: فالنخلة نافعة بثمارها , وأوراقها, وظلها, وجذعها , وخوصها , وكرانيفها, وليفها, وكروبها, وعذوقها , وأنويتها , وقطميرها , وجمارها, وجمالها في حياتها وبعد موتها. والمؤمن أينما وقع نفع , وهو نافع : بعلمه , وأخلاقه , وماله , وجهده , وحديثه , وفضل زاده , وفضل ظهره , وفعله , وقوته , وأمره بالمعروف , ونهيه عن المنكر , وتعاونه على البر والتقوى , وتراحمه , وترابطه , وتآزره مع المجتمع. رابعاً : مقابلة السيئة بالحسنة: فالنخلة صبورة حليمة كريمة تُرمى بالحجر فتسقط أطيب الثمر. والمؤمن معرض عن اللغو , وإذا خاطبه الجاهلون قال سلاما, ويصفح عن المسيئين ولا يظلم ولايجهل على الجاهلين كما قال الشاعر :كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا***يرمى بحجر فيلقي بأطيب الثمرخامساً: دنو القطوف مع سمو الأخلاق: فالنخلة قطوفها دانيه في كل أحوالها, في حال قصرها وطول جذعها لسهولة الصعود إليها , والصعود إليها لاينال من أوراقها , ولايكسر أغصانها , ولاينال جُمارها ولابرعمها الطرفي. والمؤمن سهل القطوف , يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة , ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا , يحب الناس ويغدق عليهم , ولايتخلى عن أخلاقه وثوابته مهما زادت الألفة والمحبة والمخالطةبينه وبين الناس. سادساً: يؤكل ثمرها كل حين : فالنخلة يؤكل ثمرها بكميات كافية كل حين على هيئة : الطلع , والجمري , والبُسر , والرطب , والمقابة , والتمر(1) , وعندما تجف الثمار تؤكل طوال العام فهي زاد للمسافر وعصمة للمقيم , سهلة التخزين بطيئة الفساد والتغير . والمؤمن يخرج زكاة ماله كل حول إن بلغ ماله النصاب , ويخرج زكاة فطره في رمضان , ويتصدق طوال العام , ويسارع في الخيرات , ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا , وهو يطعم عند العقيقة لأبنائه , وعند الزواج , وعند الأضحية , وعند الحج , وعند خروج الثمار وغير ذلك من أوجه اطعام الطعام. سابعاً : محكومية الحركة : فالنخلة غير مدادة , لاتعتدي على جيرانها بسيقانها أوفروعها , ولها حرم معلوم, وهي محكومة في انتشارها في البيئة لذلك لاتؤذي المحيطين بها. والمؤمن محكوم بالضوابط الشرعية مع المحيطين به , متوقع السلوك , لايدخل بيت غيره إلاﱠ بإذنه , ولايطلع على عورات غيره , ولايترك لبصره العنان , تجده حيث أمره الله , وتفتقده حيث نهاه , ويتقي الله حيثما كان. ثامناً: تشذب في العام مرة : فالنخلة تشذب في العام مرة حيث تسقط الأوراق الصفراء التالفة . والمؤمن يصوم في العام مرة , وتسقط عنه ذنوبه بالصوم , ويتزين بعد الصيام في العيد. تاسعاً : أهمية البرعم الطرفي : فالنخلة على خلاف معظم الشجر تموت إذا قطع برعمها الطرفي . والمؤمن من دون العقل يسقط عنه التكليف والحساب , ويصبح في عداد الأموات من حيث الثواب والعقاب. عاشراً: معلومية التلقيح: فالنخلة رغم أنها من ذوات الفلقة الواحده ذاتية التلقيح الهوائي مثل القمح والشعير والذرة والموز والأرز, ولكن النخلة خلاف نباتات الفلقة الواحدة تحتاج إلى تأبير , وهي تعلن عن حاجتها للتلقيح عندما تخرج نوراتها , وعندما يتم تلقيحها تنشق بطريقة يعلم الجميع منها أنها لقحت , وإذا تركت دون تلقيح بالإنسان شاصت. وكذلك المؤمن مشهود على زواجه ودخوله بزوجه من الجميع , ومعلن عن ذلك بالدفوف , ويحتاج زواجه إلى شاهدين وولي وإيجاب وقبول , والزواج السري باطل. أحد عشر: أفضلها معلومة الصفات الوراثية : فأفضل أنواع النخل معلوم الأصل يتم تكاثره خضرياً بالفسائل أو بزراعة الأنسجة . والمؤمن معلوم الأصول الوراثية , وهو ثابت في دينه , لايبتدع , ولايخلط شرع الله بشرع البشر , وإذا صنع ذلك فسد عمله ورد كما يتلف النخل إذا بدل صفاته الوراثية , ولاتؤكل ثماره ولاتباع بسهوله , بل يعلف به الدواب لرداءته. ثاني عشر: حلو الطعم عديم الرائحة : فثمار النخلة حلوة الطعم عديمة الرائحة , وكذلك المؤمن الذي يعمل بالقرآن ولايقرؤه , فطعمه حلو ولا رائحة له . ثالث عشر : تفاوت الدرجات : فالنخلة أنواع وأجناس وأصناف , منها شديد الحلاوة ممتاز الطعم (كالعجوة وهي تمر المدينة المنورة التي زرعها المصطفى صلى الله عليه وسلم بيديه ومنها جيد الطعم ومع ذلك ففي كل النخل خير , وكذلك إيمان المؤمن يزيد وينقص , والمؤمنون درجات منهم الصديقون ومنهم السابقون ومنهم المذنبون ( والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير). رابع عشر : النخلة لايتساقط ورقها : الورقة في النبات هي الموضع الرئيس للبناء الضوئي والنتح ورفع العصارة من الأرض , وتثبت ثاني أكسيد الكربون الجوي وطاقة الشمس الضوئية وتشطر الماء لتنتج المواد الغذائية والأكسجين للكائنات الحية وبها تظلل الشجرة الانسان والحيوان , وعندما تسقط الورقة في النباتات الوسطية , تتوقف العمليات السابقة وتدخل الشجرة في كمون للعام القادم . أما النخلة فهي من النباتات دائمة الخضرة التي لايتحات ( أي يسقط ) ورقها فهي دائمة البناء الضوئي وانتاج الأكسجين والتظليل وصعود العصارة . وهكذا المسلم دائم التلقي من الله ودائم الانتاج والعبادة طوال العام ولايستغني عن رحمة الله ورزقه وطاعته طرفة عين فهو دائم التلقي والعطاء , كما أن النخلة دائمة التلقي والعطاء. النخلة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وأصحابه الكرام: النخلة هي الزرع أي الأصل , والصحابة هم الشطء أي الفسائل وهذا مثل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابه في الإنجيل ( ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) الفتح 29. وقدبينا الاعجاز العلمي في هذه الآية , وكيف يشهد القرآن والنبات بعدالة الصحابة واتباعهم(2). وصف جميل للنخلة : قال لقمان لإبنه يابني : ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله خليلاً صالحاً فإنما الخليل الصالح كالنخلة إذا قعدت في ظلها أظلتك , وإذا احتطبت من حطبها نفعتك , وإذا أكلت من ثمارها وجدته طيبا. وعن الشعبي أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أما بعد فإن رسلي أخبرتني أن قِبَلكم (بكسر القاف وفتح الفاء ) شجرة , تُخرج مثل أذان الفيله , ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض , ثم تخضر كالزمرد الأخضر, ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر, ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج (حلوى) أكل , ثم تينع وتيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر , فإن تكن رسلي صدقتني فإنها من شجر الجنة . فكتب إليه عمر رضي الله عنه يقول : بسم الله الرحمن الرحيم, من عبدالله أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم السلام على من اتبع الهدى , أما بعد , فإن رسلك قد صدقتك , وإنها الشجرة التي أنبتها الله جل وعز على مريم حين نفست بعيسى فاتق الله ولاتتخذ عيسى إلها من دون الله . قال أبو حاتم السجستاني رحمه الله في كتابه النخل : النخلة سيدة الشجر مخلوقة من طين آدم – صلوات الله عليه – وقد ضربها الله – جل وعز- مثلاً لقول ( لاإله إلا الله ) فقال تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة ) , وهي قول لاإله إلا الله (كشجرة طيبة) وهي النخلة , فكما أن لاإله إلاالله سيدة الكلام كذلك النخلة سيدة الشجر وهكذا إخوة الإسلام مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها فهو كالنخلة في صفاتها ونفعها وجمالها وكرمها وسموها.
| |
|