الأميره المفتريه
في حقبة من الزمان ...كان يوجد أميره فاتنه ، ذاك أقل ما يقال عنها ، فتنت بجمالها قلوب الأمراء في زمانها . فما من أمير ... كبير ولا صغير ... إلا وقدم قلبه مهرا لتلك الفاتنه . إلا أنها رفضت الجميع ، بلا إستثناء . فاختلف مصير الأمراء العاشقين ...
• فمنهم من قفز – وبلا تردد – من فوق السجاده ليسقط علي الأرض مباشرة ويلق حتفه في الحال .
• ومنهم من عكف علي أكل العدس والفول قائلاً : إما أقضي عليهم أو يقضيان عليّ .
• ومنهم .... ومنهم .... ( مصير مأساوي لكل من تعلق قلبه بها )
حتي أطلق عليها "عصفور" الطائر ... ( الأميره المفتريه ) .
من هو عصفور ..؟ طائر – خفيف الدم ، تكبد وتحمل مشقة توصيل الرسائل إلي هذه الأميره . فكلما نظم أمير منهم قصيده ، نادي عصفور فيأتي في الحال . فيعطيه الرساله ليقوم بتوصيلها للأميره ، وكان عصفور- وحده – هو الذي يجرؤ علي المثول أمام تلك الأميره الجباره .
وذات يوم ، نـُودي عصفور ، فأتي في الحال . وكان المنادي شاب في العقد الثالث من عمره ( أمير بس علي أد حالاته ) هاهااا
وقد كتب رساله ... ونظم فيها من الأبيات عسي أن يرق لها قلبها . ولكن علي مين هاهااا !!!
حمل عصفور الرساله .... وتوجه إلي الأميره مباشره .
دخل عصفور القصر ، ودخل علي مجلس الأميره ، ترتعد فرائصه ، وقد إزداد من معدل نبضه ومعدل تنفسه وشحب وجهه وتساقط ريش مقدمة رأسه ... هاهاها
عندما تذكر مصير المرسال قبله ... تفوه بجمله أغضبت الأميره .. فأمرت بنتف ريشه ، وربطته عاريا في شجره كبيره أمام القصر ... وجعلته عبره لمن لا يعتبر ...
هز عصفور رأسه ونفض هذه الأفكار المشئومه – وبدأ بالكلام .
السلام والأمان يا أمير الزمان والمكان .
- عليك السلام والأمان . هات مالديك يا عصفور .
- مولاتي الأميره .. قادم إليك برساله من آخر بلاد المسلمين ... ( قبل السور علي طول ..)
- ماذا بها يا عصفور ..؟
- وبدأ عصفور يقرأ في الرساله ..... رساله من آخر بلاد المسلمين :
رساله تحمل بين طياتها أخباري – وأصف فيها أحوالي . لا أقصر فيها فأكون بخيلا ... ولا أطيل فأكون ثقيلا ...
- الأميره : عصفور !!! عصفور !!! إنته هترغي ..؟؟؟
- عصفور – عذرا مولاتي الأميره
- لا وقت عندي فالعشاق كثير .... إختصر وإلا جعلتك أسير ...
- عصفور بصوت منخفض : إيه الغلاسه دي ؟ طول عمرك مفتريه ..
عصفور يقف شاحب اللون ، وباللكاد يزدرد لعابه .. ويقول بصوت منخفض : مولاتي الأميره ماذا تريد أن تعرف ؟
- الأميره بصوت عال : من من هذه الرساله ؟
- عصفور بسرعه : من برعي
- ماذا يقول في مطلعها ...
- إنه يقول :
يا بهجه الدنيا وتاج جلالها*****أيامنا بك أسعد الأعياد
فارقت ....ومهجتي لفراقها *****تدمي وعدت لها قلبي صادي
فرجعت للفردوس بعد فراقه*****وبُعثت حيا قبل يوم معادي
أخطرت في تلك المروج عواطرا****وملأت قلبك من جلال الوادي
والجو رحمان الفؤاد كما حنت*****أم جوانحها علي أولاد- الأميره : أنتهت الرساله ؟
- عصفور : بلي مولاتي ...
- الأميره : ماذا يقول أيضاً ؟
- عصفور : إنه يقول : الحب هذبني ...
- الأميره : ماذا ؟!! – ماذا يعني ؟
- عصفور: إنه يقول :
قربت فسر جمالها نظري *****ونأت فآنس ذكرها قلبي
من كان يشكو حب ناعمة*****أنا شاكر في البعد والقرب
الحب هذبني وشرفني *****والحسن قربني إلي ربي الأميره بصوت منخفض : إيه الراجل الواقع ده ؟ ههههههههه
الأميره لعصفور : ألم يقل من قبل أنه أسد ؟!!
- عصفور : إسمعي دي :
أذاع غرامه فغدا شهيرا *****وصاحب فيك قلبا مستطيرا
وما بالي أري دمعي غزيرا*****وكنت عهدته نزرا يسيرا
أذلني الغرام وكنت ليثا *****ولست أزال وثابا هصورا
إذا الآساد يوم وغي رأته *****علي أعقابها ولت نفورا - الأميره : ياحرااام ...يعني ما بءاش أسد ...
- عصفور : بأي أرنب يا مولاتي الأميره .
- الأميره : وما شكواه ؟!!
- عصفور: مولاتي لا ترد علي رسائله ...
فقال :
حتي الرسائل لا تجود بها *****يا شدّ ما لاقيت من دهري
إن كنت بالهجران قاتلتي *****فالآن قبل تصّرم العمر
لم يُـبق من جسدي جفاك سوي*****قلب يذوب وعبره تجري - الأميره : ومذا قال في غزلي ؟
قمر لا عيب فيه باهر*****في سني خدّيه يحيا ويُعاش
ماله تحرقني أنواره*****مثلما يُحرق في النار الفراش
ليس لي من جسد في حبه *****ذلكم عظم وجلد وقماش ******
يا آسري بجماله *****بالروح يفديك الأسير
وبآله وبماله *****ويقل منه لك الكثير
إن غبت عن عيني غاب *****الأنس واحتجب السرور
وإذا دنوت دنا النعيـ ** ــم وأعتب الجد العثور ***********************
مهذبة حسناء ،أما نسيمها *****ففل ، وأما لفظها فرحيق
وما شهدت عيناي إلا خيالها ****وهذا هيامي بالجنون خليق
تري إن بدت يوما وعاينت شخصها ***
أطيق احتمال الوجود ؟ لست أطيق
ألا أيها الرسم الذي هو مؤنسي ****وقلبي عليه والِه وشفيق
أراك صموتا لا تجاوب سائلا ****متي أنت من خمر الدلال مفيق؟- عصفور : أميرتي ...لقد نظم أبيات أبكتني ...
- الأميره وقد بدا عليها أنها مالت لكلام الأمير ... " ماهي يا عصفوري "
- عصفور – بصوت منخفض - مستنكرا .... عصفوري ؟!!! ... دلوأتي عصفوري ... يا مفتريه ...دا إنتي فرمتي الديك ...هههههههههه
- الأميره : إنته نمت ولا إيه ؟
- عصفور : إحم إحم ... أبدا ...
ذالك سحر الهوي فهل من راق******أرشدوني يا معشر العشاق
لي حبـيب أرقّ من خصره الواهي*****وأحلي من ثغره البراق
قد رماني بحسرة من تجنّيه *****غداة الوداع يوم الفراق
إذ مضي دون أن يُشيّع ميتا ******في هوه بقبلة أو عناق
.......................... .....................
.......................... ....................
حتي وصل إلي :
قد تجرعت كأس كل شقاء ******لم أجد كالفراق مر مذاق
وتجرّحت بالسيوف ولكن ******لا جراحات هذه الأحداق
لو تراني والوجد ينسف صدري****حين لاح القطار في الآفاق
عندما همّ بالترحل عني ***** بعض نفسي وبعض نفسي باق
لرأيت العذاب شخصا تلوّي****بين نار الحشا وماء المآقي وبكي عصفور ... فقد كان رقيق القلب . ثم إستأنف ...
لا أطيق الرحيل عنك لعمري ولو أني ركبت متن البراق
وسري بي للخلد بعدك في الفر دوس يطوي أقطار سبع طباق
ووقاني الخلود في النار ربي لو يقيني أليم بُعدك واقي - همت الأميره في خيالها لدقائق ...
- عصفور بصوت منخفض : رق الحبيب ولا إيه ؟!!
*****
وبعد إنتظار .... دقائق مرت وكأنها ساعات بل أيام ...
أتي الأمير الرد ( أخيرا ) – يحمله العصفور المسكين – لتكون آخر رساله يحملها ...
الأميره :
أنا لست من عشاقه إن عشت بعد فراقه
قمر رأيت الشمس تطلع من عري أطواقه
ريان من خمر الصبا نشوان من أحداقه
يهتز في أبراده كالغصن في أوراقه
لو كان يروي عاشقا ماسال من آماقه
مابات صب جماله حران من أشواقه
لولا الحياء سجيتي والتّـيه من أخلاقه
لأطلت يوم لقيته من ضمّه وعناقه
وأكلت من تفاحه وشربت من درياقه
وهصرت غصن قوامه وححلت عقد نطاقه !
تمت *************************************