تبدأ أول بادرة ميلاد نجم يتجمع عدد من ذرات الإيدروجين نتيجة اصطدامها ببعضها في لحظة واحدة، وتبين الحسابات الفلكية أن مثل هذا الحدث شائع في جميع أجزاء الكون نتيجة الحركة الدائبة للذرات في السحب الكونية. وبمجرد تكون مثل هذا التجمع من الذرات يصبح له مجال جاذبي يعمل على جذب مزيد من الذرات إليه، وبالتالي: تزيد شدة هذا المجال الجاذبي فيجذب إليه مزيداً من الذرات وهكذا ينمو هذا التجمع باستمرار وتزيد كتلته بالتدريج إلى أن تصل إلى مقدار هائل ليصبح نجماً وليداً، ويقدر علماء الفلك أن ذلك يستلزم تجمع عدد من الذرات، في حدود حوالي 10 57 ذرة. وهذا رقم لا يوجد شيء على الأرض يضارعه، فلو قدرنا عدد حبيبات الرمال الموجودة في الأرض كلها فلن تزيد عن 10 25 ولو حسبنا عدد النيوتورنات والبروتونات الموجودة على سطح الأرض كلها فلن تزيد عن 10 51 وهذا العدد تبلغ كتلته حوالي 10 33 جرام؛ أي: حوالي نصف كتلة الشمس، أي: أن التجمع الذري لا يعتبر نجماً وليداً إلا إذا وصلت كتلته إلى حدود كتل النجوم وتفرض القوانين الفيزيائية على النجم الوليد أن يدور حول نفسه وينكمش حجمه بتأثير اندفاع الذرات، وسقوطها نحو مركزه، وهو أقوى نقطة للجاذبية فيه، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع درجة الحرارة في المركز بالتدريج، وكلما ازداد اندفاع الذرات نحو المركز وانضغاطها فيه كلما ازدادت قوة الجاذبية وارتفعت درجة الحرارة فيه إلى أن تصل إلى عشرة ملايين درجة مئوية، وهذه هي اللحظة التي يتحول فيها النجم الوليد إلى نجم حقيقي أو نجم يافع ( ناضج ) ويبدأ في إنتاج الطاقة في نقطة المركز؛ فعند وصول درجة الحرارة إلى عشرة ملايين درجة مئوية تتحرر نويات الإيدروجين من الكتروناتها ويصبح تصادمها من القوة بحيث تندمج كل أربعة بروتونات مع بعضها، وتقتنص الكترونين من الالكترونات المحررة وتتحول إلى نواة هيليوم تتكون من برونونين (العدد الذري للهيليوم = 2 ) ونيروترونين، وتنطلق طاقة التفاعل الاندماجي، أي: يبدأ الهيدروجين في الاحتراق ويتحول إلى هيليوم وتبدأ مرحلة النجم الحقيقي، فالتجمع الغازي لا يسمى نجماً قبل بداية التفاعل النووي الاندماجي الذي ينتج الطاقة ويطبخ العناصر كما سنرى، ولذلك سمي ذلك التجمع نجماً وليداً. ومنذ هذه اللحظة يعيش النجم في توازن بين قوة الجاذبية التي تعمل على انكماشه وتدافع مادته نحو المركز وبين الضغط الشديد المتولد بداخله نتيجة التفاعل الاندماجي والذي يعمل على معادلة قوة الجاذبية نحو المركز، فعندما تقل شدة التفاعل النووي داخل النجم تتغلب قوة الجاذبية على الضغط الداخلي وتؤدي إلى انكماش النجم وزيادة الاندفاع نحو المركز الذي تزداد فيه درجة الحرارة إلى أن يعود التفاعل الاندماجي إلى شدته فيولد الضغط الذي يعادل قوة الجاذبية، أما إذا تصاعد التفاعل النووي بشدة فإن الضغط المتولد قد يزيد على قوة الجاذبية فيتمدد النجم ويزيد حجمه زيادة كبيرة. وتسير الأمور على هذا المنوال إلى أن يصل النجم إلى أواخر حياته وينفد وقوده النووي وتتوقف التفاعلات الاندماجية بداخله وتنتصر قوة الجاذبية في النهاية وتعمل على انكماش النجم بقسوة بالغة لا توجد الكلمات التي تعبر عنه حتى يختفي من الوجود تماماً أو يتحول إلى واحد من الأجرام الضئيلة الباردة المتناثرة في أرجاء الكون الفسيح. وتختلف تفاصيل وعنف الأحداث التي يمر بها النجم كذلك الفترة الزمنية التي تستغرقها حياته على كتلته عند مولده، وعلى هذا الأساس يمكن تمييز النجوم إلى صغيرة ومتوسطة وكبيرة تتشابه في مولدها ولكنها تختلف كثيراً في حياتها ومماتها، تماماً مثل البشر.