ما هي الحكمة من ذكر هذه النعم في القرآن؟
إن الله تبارك وتعالى ذكر لنا هذه النعم وذكَّرنا بها في أكثر من موضع من كتابه، ليجعلنا نتذكر دائماً رحلة الآخرة، وأن الله لولا نعمته ورحمته وتفضله علينا لم نكن لنتمكن من الاقتران بهذه الوسائل سواء كانت حيوانات أو وسائل نقل حديثة.
وجه الإعجاز في قوله تعالى (ويخلق ما لا تعلمون)
لقد ذكر الله تعالى حقيقة جديدة لم يكن أحد يدرك أبعادها زمن نزول الوحي، يقول تعالى: (ويخلق ما لا تعلمون) فماذا تعني هذه العبارة؟ لهذه العبارة دلالات متعددة أهمها:
1- إنها تشمل كل وسائل النقل التي اخترعها الإنسان حتى الآن وكل ما سيخترعه مستقبلاً.
2- كذلك تشير هذه العبارة القرآنية (ويخلق ما لا تعلمون) إلى أن كل ما يصنعه الإنسان من وسائل للنقل سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، إنما خالقها هو الله تعالى!
فالمواد التي يصنع منها الإنسان هذه الوسائل هي من صنع الله تبارك وتعالى، ونحن نعلم أن أهم عنصر يميز حضارة العصر الحديث هو الحديد وهذا العنصر نزل من السماء، يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد: 25].
الوسائل التي أتيحت للإنسان لصناعة هذه الوسائل هي من تسخير الله، فالله تعالى سخر لهم المواد الأولية، وسخر لهم العلوم الكافية وسخر لهم الحيوانات والطيور ليتعلموا منها!
3- القرآن هو الكتب الوحيد الذي تضمن إشارة إلى وسائل النقل من خلال قوله تعالى: (ويخلق ما لا تعلمون) وهذا دليل على إعجاز القرآن في هذا المجال.
وجه الإعجاز في قوله تعالى (سخر لنا):
فنحن نسبح الله على أن سخر لنا هذه الوسائل، والتسبيح في اللغة هو التنزيه، فنحن عندما نقول (سبحان الذي سخر لنا هذا) إنما ننزه الله تعالى عن الشريك في صناعة هذه الوسائل، فصانعها هو الله وليس الإنسان، بل الإنسان هو وسيلة مثله مثل المواد التي سخرها الله.
ولذلك في هذا الدعاء (سبحان الذي سخر لنا هذا) إشارة إلى تذكيرنا كلما استخدمنا وسيلة من وسائل النقل سواء كانت طائرة أو سيارة أو حتى دراجة، أن نتذكر أن الله تعالى هو الذي سخر لنا هذه الوسيلة وليس البشر!
وجه الإعجاز في قوله تعالى (مقرنين):
في هذه اللفظة القرآنية إشارة إلى أن البشر سيقترنون بوسائل نقل جديدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فالمحرك الانفجاري الذي نستخدمه لدفع السيارة تحدث فيه انفجارات تبلغ درجة الحرارة أكثر من ألف درجة مئوية، ولو قدر لهذا الانفجار أن يصيب الإنسان لقتله على الفور.
فالله تعالى سخر لنا هذه المحركات وسخر لنا الوسائل التي تحمينا منها على الرغم من اقتراننا بها، ففي السيارة نجلس على مسافة أقل من متر من المحرك ولا نحس بأي مشكلة، أليس هذا تسخيراً من الله؟