لورنس العرب .. والاستخفاف بالعرب
يتميز التاريخ العربي الحديث بشخصيات أسطورية قادت التغيير من الوحدة إلى الفرقة، من الوحدة الإسلامية تحت خلافة إسلامية موحدة بدأت منذ العصر النبوي في المدينة المنورة، ثم جاء عصر الخلفاء الراشدين، فالخلافة الأموية، فالخلافة العباسية، فالخلافة العثمانية، وظلت الحضارة الإسلامية تشق طريقها نحو التقدم والبناء رغم العقبات والمشكلات، والخروج على الأفراد والحكام والتشرذم أحياناً والاقتتال، ولكن لم يثبت خروج أي من الخلفاء المسلمين عن الإسلام علانية أو رفض الإسلام شريعة ومنهاجا، ولكن في العصر الحديث ظهر من أعلن الخروج على الدولة الإسلامية الموحدة، والتحول إلى الدولة العلمانية (بفتح العين) القطرية القومية في مؤامرة خبيثة لتفتيت الوحدة الإسلامية وبناء كيانات محلية قطرية وقومية، وقاد هذا التدمير كمال أتاتورك الشخصية الأسطورية التي تحيرت العقول العلمية والتاريخية في حسم أسطور يته، وانقسم الناس فيه بين مادح وقادح، ومقدر ومخون، فالأتراك يعتبرونه إلى الآن أبا الترك ومؤسس تركيا العَلمانية الحديثة، وأنصار الوحدة الإسلامية والخلافة الإسلامية يعتبرونه خائن وعميل من يهود الدونمة .
ثم جاءت الشخصيات العربية لتثبت التفتيت الاستعماري بسايكس – بيكو، وقاد الزعامة في هذه الفترة شخصيات عربية اختلف الناس فيها بنفس درجة اختلافهم في كمال أتاتورك، ومنهم من جعل أتاتورك المثل الأعلى له في الحكم .
ولآن نحن نعلم أن هؤلاء لم يحققوا الحلم العربي في إيجاد أمة عربية موحدة تمتد من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، وصلنا الآن تحت زعامتهم إلى حالة من التفتت والتشرذم والطائفية والقوميات المحلية والتنازع والاقتتال عجيبة، وتحول الحلم من الجامعة الإسلامية إلى الجامعة العربية إلى الشرق الأوسط الكبير القائم على الطائفية والعرقية وهي سايكس – بيكو الأمريكية الطائفية المسلحة لتفتيت المفتت العربي وتجزئة المجزأ العربي .
والآن علمنا جميعا وتأكدنا أننا سرنا في طريق طويل من السراب بدأ بالأحلام وانتهى بالآلام، وفي كل مراحل هذه الرحلة اكتشفنا أن الإنجليز والفرنسيين والأمريكيين والأسبان والإيطاليين والبلجيك والروس والصهاينة استهانوا بنا واستخفوا بعقولنا.
عندما سألناهم عن حقيقة سيكس - بيكو والوطن القومي لليهود استخفوا بنا وقالوا هذه أكاذيب نحن أصدقاء، ووعودنا صادقة فلا تصدقوا ذلك، وكانت الطامة الكبرى، والهزيمة المنكرة، عندما اكتشفنا أنهم استخفوا بعقولنا وقياداتنا وشعوبنا وقسموا الوطن العربي بسايكس – بيكو .
ومن أهم الشخصيات الأسطورية الإنجليزية التي استخفت بعقولنا وبقيادتنا وبتاريخنا وبجهادنا الجنرال لورنس التي قالت عنه صحيفة أخبار الخليج يوم 21/5/2005م أنه رغم مرور سبعين سنه على وفاته فإن حياته لا تزال تلهم الذين يريدون السير على خطاه، ورغم مرور سبعين سنه على وفاة لورنس العرب (يوم 19 مايو 1935م) فإن شعبيته لا تزال قوية، وفي شهر اكتوبر القادم يقام له معرض في المتحف الحربي بلندن بعنوان : (( لورنس العرب حياته – اسطوريته)) أنتهى.
(واليوم في يناير 2008م ) تكرر قناة الجزيرة الوثائقية موضوعا عن لورنس العرب
يا شباب العرب : لقد استخف لورنس العرب العسكري الإنجليزي العميل مجهول الأب بعقول العرب مرات عدة، فسمى نفسه وسماه العرب وسماه المخططون له بلورانس – العرب واكتفى العرب بهذه التسمية واعتبروه واحد من العرب، قاد الثورة العربية الكبرى (النكبة العربية الكبرى) للقضاء على دولة الخلافة الإسلامية العثمانية لإقامة دولة الخلافة العربية، وفرح العرب وقاموا بالدور الرئيس في هدم الخلافة الإسلامية العثمانية وإلى الآن بعد مرور سبعين سنه على وفاة لورانس العرب فأين هي الخلافة الإسلامية العربية ؟, وأين هي الأمة العربية ؟, وأين هي الوحدة العربية ؟ .
وقد استخف لورانس العرب بالعرب عندما لبس العقال العربي والغترة العربية، وقاد معارك في مجلس العموم البريطاني على مشهد من العرب لتمسكه بالزي العربي وفرح العرب كثيراً بهذه التمثيلية الكاذبة، وبهذا الإنجليزي المتنكر بزي العرب واعتبروه حامي العروبة وقائد الثورة العربية وابن العرب المخلص والأصيل .
وقد استخف بنا لورنس العرب عندما قادنا لتفجير خط السكة الحديد للحجاز الذي شيدها السلطان العظيم عبد الحميد الثاني – رحمه الله – في ظروف عصيبة، وبأموال التبرع من المسلمين، وأوقاف المسلمين، لكي تسهل له ولجيوشه الإسلامية التركية التنقل السريع إلى المنطقة العربية، خاصة إلى الأماكن المقدسة لحمايتها من السيطرة الإنجليزية .
بنى السلطان العظيم عبد الحميد الثاني – رحمه الله – خط حديد الحجاز بالعرق والجهد ومال المسلمين وقاد لورانس العميل العرب لتفجير هذا الخط الحديدي وفي مهاجمة رحلاته وركابه، وفي هذا استخفاف بالعقلية العربية، والأوقاف العربية، والأموال العربية، وبذلك عزل جيوش الخلافة الإسلامية عن المنطقة العربية الثائرة في ثورة عربية كبرى لو نجحت وأقامت دولة الخلافة الإسلامية لانتقلت الخلافة الإسلامية من القسطنطينية إلى مكة المكرمة وبدأنا عهداً إسلاميا عربياً عظيماً، ولكن تم استخدام العرب فقط ككتائب تصادم مع خلافتهم، واستيقظ العرب على خديعة سيكس – بيكو ثم النكبة العربية الكبرى وضياع فلسطين .
واستخف بنا لورانس عندما جلس معنا في الصحراء وبين الجنود وقادنا نحو ما نحن فيه الآن، وحقق ما لم تحققه الجيوش الصليبية والجيوش التتارية, والمخططات الغربية، والأطماع الصهيونية.
ولذلك ينصح الجنود البريطانيون في العراق بعد احتلالها بقراءة ذكريات ومذكرات لورانس مع العصابات العربية بتأن وتمعن وهي مذكرات بعنوان ( الأعمدة السبعة للحكمة ) ليتعلم الجنود الإنجليز من شيطانهم ومعلمهم الأول لورانس كيف يستخفون بالعقول العربية، وما المداخل النفسية والثقافية والاجتماعية للشخصية العربية .
كنت أتمنى أن يدرس شبابنا هذه الشخصية الأسطورية دراسة علمية تحليلية لنتعلم منها كيف يدخل العدو إلى نفوسنا وكيف يستهين أعدائنا بقدراتنا، وكيف نتصدى علمياً وتربوياً وثقافياً و وراثياً (جينياً) لهذا الاستخفاف الذي بدأه شأس ابن قيس اليهودي في المدينة المنورة عندما أوصى خادمه بالوقيعة بين المهاجرين والأنصار، وكيف تسلل أبو لؤلؤة المجوسي إلى المدية المنورة لهدم الخلافة الإسلامية الراشدة وقتل الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعبد الله ابن سبأ اليهودي الذي قاد السذج والمخدوعين والمرجفين والمنافقين منا للخروج على الخليفة الراشدي الثالث عثمان ابن عفان رضي الله عنه وقتله، وكيف لعب المرجفون الدور الأسود في الفتنة الكبرى، وابن ملجم الخارجي الذي قتل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وما زال التاريخ يذكر دور الوزير ابن العلقمي مع التتار ضد المسلمين في العراق، ودور خلفاءه في العراق الآن في الوقيعة بين شعب أبناء الشعب العراقي، وإحداث الفتنة الطائفية ومصاحبتهم للدبابات الأمريكية لاحتلال العراق . قال الله تعالى في كتابه العزيزيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) صدق الله العظيم.