تمضي الحياة.. ويعيش الإنسان في هذه الدنيا وكأنه يملكها لا يفارقها أبداً.. إنني أذكر ذلك القول: ((اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)).. وكأن هذا القول موجود لنعلقه أمامنا.. لكن لسان حالنا يقول (لسه بدري.. بكرة أغير نفسي وأتوب).. إنني أظن.. لو وضع كل واحد منا هذا القول نصب عينيه.. وأحسه بقوة.. ودخل إلى قلبه.. وتحرك به بجوارحه.. لكان الحال غير الحال.. لما وجدنا هذا الطالب ينظر إلى ورقة زميله في الامتحان.. ولما سعى هذا الشاب إلى أخذ أموال الناس بالباطل.. ولما مشت تلك المرأة بالغيبة والنميمة.. ولما خرج ذلك الفتى يخدع تلك الفتاة للتسلية.. ولما غادرت تلك الفتاة منزلها بزينة كاملة وعطر يفوح منها فتلفت إليها الأنظار..
لقد صرنا في حياة محمومة.. يخدع فيها الناس بعضهم بعضاً.. كل فرد يسعى فيها وكأنه يقول: (نفسي وأسرتي ومن بعدي الطوفان).. ونسينا جميعاً أن لنا رباً يرقبنا.. أمرنا بحسن الخلق مع الناس.. أمرنا بالرفق واللين في التعامل.. أمرنا بالصدق.. بالأمانة.. بالذوق.. بالصبر.. بالإيثار.. بالتفاني.. بالتعاون.. أمرنا أن نكون بنياناً واحداً.. يشد بعضنا بعضاً.. أمرنا أن نكون جسداً واحداً.. يساعد الغني الفقير.. يرحم الكبير الصغير.. يحترم الصغير الكبير.. إن دين الإسلام هو دين الحب.. أحب الناس واجعلهم يحبونك..
اليوم نسينا تماماً أن هذه الدنيا التي نحياها هي دار اختبار.. ومقرنا إلى دار البقاء والتي أرجو أن تكون أعلى الجنان.. نسعى للتفوق في الدنيا ونؤجل العمل للآخرة.. أصبحت الدنيا في أيدينا ومتربعة في قلوبنا.. والمفترض أن تكون الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا.. ألم نفكر يوماً أن هذا يعرضنا إلى غضب الله؟؟ وان الله قادر أن ينزل غضبه علينا فيمحى أثرنا تماماً؟؟ ولنا في رسائل الله لنا عبرة.. إعصار كاترينا.. حرائق الغابات.. الفيضانات.. أمواج تسونامي.. زلزال كشمير.. وأخيراً القرية التي دفنت بمن فيها تحت الأرض في الفيليبين.. أليست هذه الرسائل واضحة من الله عز وجل؟؟
منذ سنتين أو أكثر.. كان شتاء الإسكندرية شديداً.. وكانت أمطاره غزيرة.. وأمواج البحر في أشد الغضب.. أذكر وأنا في طريقي إلى الجامعة مع صديقاتي أننا وجدنا الماء وقد أغرق نصف طريق البحر والسيارات كلها تسير في النصف الآخر.. ألا ترين صديقتي أن هذه رسالة من الله.. ألم يكن ربك قادراً على أن تعلو هذه الأمواج ويشتد غضبها فتغرق الإسكندرية الحبيبة في موجة واحدة.. بلى إن ربي على كل شيء قدير.. نشهد جميعاً تلك الموجة الهائلة من العواصف الترابية التي نعاني منها هذه الأيام.. إننا نلتقط أنفاسنا بصعوبة.. ونشعر بالكثير من الأذى الذي تسببه حبات التراب المتناثرة في الجو.. ألم يجل بخاطرك ولو للحظة أن الله قادر على أن تكون العاصفة الترابية من القوة بحيث تدفننا أحياء؟! بلى إن الله على كل شيء قدير..
صديقتي وحبيبتي.. إن الله قادر أن يتوفاني ويتوفاك ونحن على معصية دون أن يعطينا الفرصة للتوبة والإنابة.. وها أنت الآن تتنفسين.. فسارعي بالتوبة واستشعري نعمة الله عليك أن تغمدك برحمته وأعطاك الفرصة للتوبة.. فغيرك قد ماتت على المعصية.. اعذريني صديقتي على الإطالة.. لكن حبي لك دعاني أن أذكر نفسي وأذكرك بهذا المعنى.. هيا.. فلنسارع بالتوبة ونُري الله من أنفسنا خيراً..