السجن والحبس والمنع أمر صعب على النفوس، يؤرقها ويزعجها ويؤلمها، والسجن ابتلاء لا يرغب فيه الإنسان ويتحاشاه قدر الإمكان، ويفر منه في كل زمان ومكان، فهومستقبح في أغلب الأحيان، إلا إذا كان في طاعة الرحمن ومعصية الشيطان، فعندئذٍ يكون دفعا لضرر أكبر، وشرا لا بد منه، يختاره المؤمن طواعية عندما يكون البديل معصية، أو جرما يقترفه، وقد اختار نبي الله يوسف "عليه السلام" السجن، وفضله على الزنا: [size=24]{ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}(يوسف 33).
[/size]ومن القبح بمكان أن يختار العاقل السجن والمعصية معاً، فيجتمع له الأمرّان، فيعاني من مرارة السجن إضافة إلى ألم المعصية التي أتاها مختارا راغبا ساعيا، ثم يبقى يتوجع ندما وحسرة وحزنا، هذا إذا كان من الرجال.
أما إذا كان السجين امرأة أو فتاة فالأمر أشد والخطب أعظم، والجرح أنكى، فهي بذلك تدمر حياتها وحياة آخرين معها، وتجلب العار والشنار، وتتسبب في ظلمات بعضها فوق بعض، ولكن هل يوجد من النساء من يسعى للمعصية والسجن والعار؟ دعونا نقف عند بعض القصص الواقعية الحديثة المعاصرة التي رواها أصحابها، أو نقلها القريبون منها، سائلين الله السلامة والعافية لجميع المسلمين:
1- هذه فتاة تعرفت على صديقة سيئة في الجامعة فعرّفتها على شابٍ كانت مؤهلاته الأناقة والوسامة وأصول الإتيكيت كما يقال وأنه رومانسي لايوجد مثله استطاع أن يصطادها بأسلوبه وخفة دمه، فصارت تحادثه الساعات الطويلة، وكان الشيطان يستدرجها حتى تطورت العلاقة وخرجت معه مرات عديدة لتقع المصيبة الكبرى الجريمة العظمى (الزنا)وبعد أشهر حملت منه سفاحاً، ثم اتفقا على إجهاضه وقتله وهو من لا ذنب له، ولكن الله كان بالمرصاد فهو الذي يمهل ولا يهمل، فكشف الله الجريمة على يد رجال الأمن، فأودعت السجن جزاء السبل الممنوعة والطرق الشيطانية، فأضاعت كرامتها وأهدرتها بدون مقابل إلا شهوة دقائق بقيت آلامها شهوراً طويلة عاشتها في السجن تعد الأيام عداً وتتجرع الأسى والأسف.
2- وهذه أم في الستة والثلاثين من عمرها، لها ثلاثة من الأبناء سجنت بسبب خطيئة دقائق، فبعد موت زوجها في حادث بدأت بالخروج من بيتها لمناسبة ودون مناسبة حتى وقعت ضحية رجل اصطادها في حين غفلة منها فاستطاع أن يقتلها في عفافها وكرامتها بعدما تطورت العلاقة وصار الاتصال بشكل يومي عبر الهاتف ورسائل الجوال الشيطانية بحجة أنهم كبار ويعرفون مصلحة أنفسهم، ومضت أيام التعارف تسير في بحر الشهوة ونار الفتنة حتى قابلته مرات عديدة، فجنت على نفسها وعلى عفافها وشرفها وصيانة حق زوجها الميت وأولادها منه، كل ذلك بالتخدير المعنوي من خلال الصور الجنسية القاتلة والقصص الخليعة المهلكة، فدخلت السجن ونالت العقاب حسب النصوص الشرعية فيما اقترفت من مقدمات الزنا وذاقت مرارته وتجرعت غصصه وآلامه، وكيف لو وقعت في الزنا.
3- وهذه فتاة عمرها 18 سنة تعيش مع أهلها برغد وعيش ومال وفير، كانت أحلامها وأمانيها معلمة أوطبيبة يشارُ لها بالبنان وتتحدث عنها القريبة والصديقة في المجالس والمنتديات تعرفت في بداية جامعتها على زميلة سيئة أكسبتها الخلق السيئ والتعامل القبيح مع أهلها فقد بدأت العلاقة مع زميلتها بالمكالمات المطولة عبر الهاتف وجهازها النقال ثم ما لبثت أن تطورت إلى زيارات مشبوهة تحت مسمى الحفلات والصديقات لمناسبة ودون مناسبة !! ثم تطور الأمر إلى تعاطي المخدرات والإدمان، بل إلى الترويج وجر أختها معها.
وبعد ذلك السجن والدموع والقلق، والإحراج للأهل والأقارب، وضياع الدراسة والأهداف النبيلة.
4- وهذه فتاة تعرفت على شاب عبر الانترنت، انخدعت بأسلوبه ثم تطورت العلاقة بطريق الماسنجر سنة أو تزيد والتعارف يزداد يوماً بعد يوم حتى رأته ورآها وجلست معه مرات عديدة في بعض المطاعم والمنتزهات، ثم رغب في زواجها ولكن أهلها رفضوه بعد السؤال والتحري عن دينه وخلقه، ولكنها أصرت على رغبتها، وتم الزواج في وضع كئيب بعيداً عن أحضان أمها وفرحة أبيها لكن هي شهوة النفس ونهاية التعلق المقيت.
ثم تكون المفاجأة والصدمة الكبيرة حين علمت أنه مدمن مخدرات، صار يتلذذ بتعذيبها ويتعمد إهانتها وإذلالها، وتبخر الكلام الجميل المعسول قبل الزواج، وأصبحت وحيدة بكل ما تحمله من عبرة وحسرة.
ثم رأته يعقد صفقاته عبر الانترنت مع معارفه وأصحابه فضلاً عن إدمانه للمواقع الإباحية والعلاقات المحرمة مع النساء والفتيات وأمامها دون حياء ولا كرامة، فلما سبته وشتمته ضربها ضرباً شديداً تحت ضغط المخدر، فلما طلبت منه الطلاق جعلها طُعماً لعملية قذرة في ترويجه للمخدرات دون علمها وكانت النهاية دخولها السجن.
وبعد ذلك تخرج فلا تجد لها مكانا ولا دارا ولا مأوى إلا منزل أبويها، تبكي تحت قدميهما، وتعلن ندمها وحسرتها.
5- وهذه فتاة جامعية عمرها 23 سنة تحمل مؤهلاً جامعياً، وقعت ضحية الصديقة السيئة التي أوقعتها في بحر الشهوة المتلاطم بالغفلة والبعد عن طاعة الله، فتعرفت على مجموعة شباب وكانت في البداية تسلية وقضاء وقت، لكن وبمرور الأيام والوقت والتعود على التلاعب بمشاعر الشباب بالصوت الناعم وحسن إتقان العبارات تطور الأمر إلى ما هو أكبر وأبعد من التعرف إلى اللقاء الجماعي مع الشباب والفتيات وقد هالها جداً الترتيب والتنظيم حتى غرقت مع الشلة الحقيرة فهي الخامسة بين أربع فتيات وأربعة شباب وكانوا حريصين جداً على حضورها في أيام الاجتماع الشهري، ثم ساءت حالتها وأسودت الدنيا في وجهها بعد أن وقعت في جريمة الزنا تحت ضغط الشهوة وعنفوان الشباب وضعف الإيمان وقلة التوجيه، ولما رجعت للمنزل بكيت وحافظت على الصلاة وقررت مقاطعة الشلة بأكملهم.
ولكن الشيطان يتدخل على لساس صديقتها تخبرها باشتياق الشلة لها وأنهم فقدوها، وأن هناك حفلة للبنات والمتخرجات من الجامعة فقط فوافقت وحضرت تلبية لرغبتها وبعد ساعة تقريباً إذ بالشباب يحضرون فحاولت الخروج ولكنها ضعفت.
وبعد ذلك إذا برجال الأمن يداهمون المكان ويقبضوا عليهم جميعا، ثم إلى السجن.
6- وهذه سجينة حكم عليها في قضية أخلاقية 9 أشهر بسبب صديقتها، وبعد خروجها بادرت بزيارة الصديقة، فأخبرتها أمها بأنها في المستشفي في حالة سيئة، فأسرعت إليها، فقيل لها أنها مصابة بمرض( الإيدز )، فرأتها قد شحب وجهها ومال للسواد ونقص وزنها فضلاً عن عينيها الغائرتين، وشممت منها رائحة كريهة جداً، وعيناها تذرفان الدمع والألم، ويبقى السجن أرحم من معاناة الايدز !!
7- وهذه فتاة حضرت مع عدد من زميلاتها حفلة ما يسمى ( عيد الحب )، فشربت الدخان تحت ضغظ المجاملة، وخرجت من الحفل وصور البنات ونشوة التدخين اللعين مع الرقص على أنغام الأغنية العربية والإزعاج الغربي لم تفارق مخيلتها إعجاباً بما رأت من التنظيم والإتيكيت، وعادت للبيت ورائحتها تعج بالتدخين، فلما شمت أمها ذلك نهرتها بصوت مرتفع وقام والدها فضربها بشدة وطلب منها مقاطعة المجموعة، ولكنها استمرت تدخن في الخفاء وخاصة حالة خروجها للجامعة مع السائق، ثم تطور الأمر إلى تعاطي حبوب المخدرات عن طريق الصديقة السيئة، ثم وقع لها حادث في سيارة صديقتها، واكتشف رجال الأمن مشروبات كحولية بالسيارة، مما ترتب عليه دخول السجن.
8- وهذه طالبة كانت لا ترضى بأقل من تقدير( ممتاز ) من بداية تعليمها حتى الثانوية حيث تغير مجرى حياتها نتيجة تعرفها على صداقة سيئة من الفتيات حتى غيروا تفكيرها وآمالها، وتطور الأمر إلى سرقة ذهب والدتها وبيعه، وانقلاب حياتها إلى هموم وأحزان، ومصائب ومصاعب، فقد هجرت تلاوة القرآن الكريم وأكثرت من السهر وأدمنت متابعة الإنترنت بكثرة حتى غرقت في بحر الشهوات وتاهت في دهاليز الظلمات مما أورثها النكد في العيش والظلمة في القلب والضيق في الصدر ...
وفي يوم يرن الهاتف مخبراً بأنها سجينة ومتهمة ضمن عصابة تسرق الذهب وتبيعه.
تلك قصص وحكايات ليست من نسج الخيال، ولا بنات الأفكار يندى لها الجبين، وتقشعر لها الأبدان، وتتألم لها القلوب، قصص كان ضحيتها المرأة الطيبة العزيزة الكريمة المصونة يوم اختارت المعصية بدل الطاعة، والغناء والرقص بدل القرآن، والدخان بدل السواك، والمخدرات بدل المباحات الطيبات، والصاحب والصديق بدل الزوج الحبيب، والسهر في المقاهي والفنادق بدل الاعتكاف في بيتها والحفاظ على مملكتها، ونسأل الله أن يحفظ مجتمعات المسلمين من كل سوء ومكروه.